سابق تالي
- ص 9 - المقدمة تبدأ ترجمة الكتاب من هذه المقدمة ، أما ما قبلها فلا يترجم .
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد : فقد أرسل الله رسله إلى العالمين ، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ، وأنزل الكتب هدى ورحمة ونورا وشفاء ، فكان الرسل فيما مضى يبعثون إلى أقوامهم خاصة ، ويستحفظون كتبهم ؛ فلذلك اندثرت كتاباتهم ، وحرفت وبدلت شرائعهم ؛ لأنها أنزلت لأمة محدودة ، في فترة معدودة .
ثم اختص الله نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - بأن جعله خاتم الأنبياء والمرسلين ، قال تعالى : ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وأكرمه بخير كتاب أنزل ، وهو القرآن العظيم ، - ص 10 - وتكفل سبحانه بحفظه ، ولم يترك حفظه لخلقه ، فقال تعالى : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون سورة الحجر ، الآية : 9 . وجعل شريعته باقية إلى قيام الساعة ، وبين - سبحانه - أن من لوازم بقاء شريعته الإيمان بها ، والدعوة إليها ، والصبر عليها ، فكان منهج محمد - صلى الله عليه وسلم - ومنهج أتباعه من بعده الدعوة إلى الله على بصيرة ، قال - تعالى - موضحا هذا المنهج : قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين سورة يوسف ، الآية : 108 . وأمره بالصبر على الأذى في سبيل الله فقال تعالى فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل سورة الأحقاف ، الآية : 35 . وقال جل ثناؤه : يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون سورة آل عمران : الآية : 200 . واتباعا لهذا المنهج الإلهي الكريم كتبت هذا الكتاب دعوة إلى سبيل الله ، مستبصرا بكتاب الله ، ومسترشدا بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبينت فيه بيانا موجزا خبر خلق الكون ، وخلق الإنسان وتكريمه ، وإرسال الرسل إليه ، وحال الديانات السابقة ، ثم عرفت بالإسلام معنى وأركانا ، فمن أراد الهدى ، فهاهي أدلته بين يديه ، ومن أراد النجاة فقد أوضحت له طريقها ، فمن رغب في اقتفاء آثار الأنبياء والمرسلين والمصلحين فهاهي سبيلهم ، ومن رغب عنهم فقد سفه نفسه ، وسلك سبيل الضلال .
- ص 11 - إن كل أصحاب ملة يدعون الناس إليها ، ويعتقدون أن الحق فيها دون ما سواها ، وكل أصحاب عقيدة يدعون الناس إلى اتباع صاحب عقيدتهم ، وتعظيم قائد طريقهم .
أما المسلم فلا يدعو إلى اتباع طريقته ، لأنه ليس له طريقة تخصه ، إنما دينه دين الله الذي ارتضاه لنفسه ، قال تعالى : إن الدين عند الله الإسلام سورة آل عمران ، الآية : 19 . ولا يدعو إلى تعظيم بشر ، فكل البشر في دين الله سواء لا فرق بينهم إلا بالتقوى ، بل يدعو الناس إلى أن يسلكوا سبيل ربهم ، ويؤمنوا برسله ، ويتبعوا شرعه الذي أنزله على خاتم رسله محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يبلغه إلى الناس كافة .
ومن أجل ذلك فقد حررت هذا الكتاب دعوة إلى دين الله الذي ارتضاه لنفسه ، وأنزل به خاتم رسله ، وإرشادا لمن أراد الهداية ، ودليلا لمن أراد السعادة ، فوالله لن يجد مخلوق السعادة الحقيقية إلا في هذا الدين ، ولن يعرف الطمأنينة إلا من آمن بالله ربا ، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولا ، وبالإسلام دينا ، فقد شهد الآلاف من المهتدين إلى الإسلام - في قديم الدهر وحديثه - بأنهم لم يعرفوا الحياة الحقيقية إلا بعد إسلامهم ، ولم يذوقوا السعادة إلا في ظلال الإسلام . . . ولأن كل إنسان يتطلع إلى السعادة ، ويبحث عن الطمأنينة ، ويتحرى الحقيقة ، - ص 12 - فقد أعددت هذا الكتاب ، وأسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه ، داعيا إلى سبيله ، وأن يكتب له القبول ، وأن يجعله من العمل الصالح الذي ينفع صاحبه في الدنيا والآخرة .
وقد أذنت لمن أراد طبعه بأية لغة ، أو ترجمته إلى أية لغة شريطة أن يلتزم الأمانة في نقله إلى اللغة التي سيترجمه إليها ، وأن يتكرم علي بنسخة من ترجمته للإفادة منها ، ولئلا تتكرر الجهود .
كما أرجو من كل من له ملحوظة أو استدراك سواء على أصل الكتاب باللغة العربية ، أو في أية ترجمة لهذا الكتاب أن يوافيني بها على العنوان المذكور هنا .
والحمد لله أولا وآخرا ، وظاهرا وباطنا ، وله الحمد علانية وسرا ، وله الحمد في الأولى والآخرة ، وله الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شاء من شيء ربنا ، وصلى الله على نبينا محمد وصحبه ومن سار على منهجه وسلك سبيله وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
المؤلف
د . محمد بن عبد الله بن صالح السحيم
الرياض 13 / 10 / 1420 هـ
ص . ب 1032 الرياض 1342
وص . ب
6249 الرياض 11442